مما تعلمنا من( سورة النازعات )



            مما تعلمنا من

             ٢/  ( سورة النازعات  )

وبعد أن تحقق لدينا من خلال البراهين والأدلة التي وردت في سورة النبأ  حتمية البعث والحساب

تستمر سور جز عمّ  لتأصيل الإيمان بالغيب وتأكيد البعث 
فتبدأ  سورة النازعات بالأقسام المتتالية بالملائكة الكرام وأفعالهم
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (١) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (٢) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (٣) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (٤) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا {(٥)

فالإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة
كما أن أفعالهم وما تتولاه الملائكة من ( نزع أرواح الفجار بشدة عند الموت ، وأفعالها وهي تَنْشُط أرواح المؤمنين فتسلها برفق وأفعالها وهي تسبح من السماء إلى الأرض مسرعة لتنفيذ أمر الله فتسبق سبقا لأمر الله فتدبر ما أمرها الله عز وجل به )
أفعال الملائكة  تلك والتباين الواضح  بين قبضها لروح الكافر وبين قبضها لروح المؤمن  دليل أن هناك  فرق بين التقي والفاجر  وكل ذلك يؤكد أن سيكون حساب وجزاء 

ثم بعد القسم بالملائكة وذِكْر أوصافهم على حسب أعمالهم  كان جواب القسم  كأن تقديره لتبعثن يا معشر الناس ولتحاسبن ثمّ بيّن موعد هذا الأمر، إنه {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ }
 ليتأصل في قلبك حقيقة يوم البعث وحقيقة الجزاء والحساب

ثم عرضت السورة حالة الخلق كل الخلق
وهم يخرجون من قبورهم أحياء ثم يحضرون إلى الله عز وجل ليجازيهم
( فإنما هي زجرة واحدة * فإذا هم بالساهرة)
لتحيي مقدمة السورة القلوب وتوقظها بعرض وتأكيد هذه الغيبيات
فتُغرس في القلوب الحية  الخوف من مقام الله فتجاهد النفس عن هواها

ولأننا عرفنا في سورة النبأ أن جهنم هي مآب الطاغين جاءت سورة النازعات ليتبين من خلال آياتها ما هو سبب الطغيان ؟!
إنه >> عدم الإيمان بالغيب وبالتالي عدم خشية الله
( تأمل كثرة ورود الخشية ومشتقاتها في السورة )
ذلك أنّ كُلّ مَنْ كذّب بالغيب >>سيخلو قلبه من خشية الله  >>فيُؤثر الحياة الدنيا >> وبالتالي يطغى ويتجاوز الحدود

وكان فرعون نموذجاً للطاغية {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى  }
وقد وصل طغيانه إلى أن قال عنه تعالى
( فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى )
فطغى واستعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى

لنتعلم أن سبب الطغيان خلو القلب من الخوف من الله وخشيته
فكان هدف دعوة موسى عليه السلام هو غرس الخشية ( وَأَهْدِيَكَ إلى ربك فتخشى )

فمَنْ ترحَلت خشية الله مِنْ قلبه سيطغى مهما جاءته من آيات
فلو جاءته كُل آية لن يؤمن بها
 { فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى }
فالآيات كانت واضحة بيِّنة
والدعوة كانت قولا ليِّنا { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ }
فمِنْ لُطف دعوته إخراجه مخرج العرض لا مخرج الأمر والإلزام وهذا أدعى لاستجابة القلوب

لكن القلب الخال ِ من خشية الله
أنَّى لمثله أن يتعظ
فلن تنفع النذارة إلاّ لمن يخشى {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا }
ولن تكون العبرة بعقوبة هذا الطاغية  إلا لمن يخشى
( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى )
فالطغيان يقود صاحبه إلى الهلاك فهو لا يُبالي بالسّاعة ولا يعد لها عِدَتها

وكان تساؤلهم في سورة النبأ عن النبأ العظيم
وفي سورة النازعات 
{  يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا }
متى حُدوثها و متى قيامها
وكل ذلك على وجه الإستبعاد والسخرية
 و السؤال الذي كان يحسن بل ويجب أن يَرِد على النفس هُوَ
على أيّ حال سأموت؟.

أيها المسلم إن دليل نجاتك من حال الطغيان ومآب الطاغين
تستنبطها من سورة النازعات
في اثنتين بإذن الله :
1_مخالفة  الهوى المخالف لأمر الله ورسوله 
وإذا نهيت نفسك عن هواها تركت المهالك
2_والخشية والخوف من الله ومن المقام بين يديه
فتركت المحرمات خاضعا لله طائعاً عابداً مستجيباً

هذا هو سبيل النجاة

فمَنْ قَهَرَ هواه عزَّ وساد
ومن قَهَرَهُ هواه ذلّ وهان وهَلَكَ وباد.

ومن لم يخش مقام الله >>> سيؤثر الحياة الدنيا >>> ولن ينهى نفسه
عن هواها >>>و سيطغى
وإذا طغى >>> { فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى }

وأكبر معين لك في عدم اتباع هواك هو الخوف من مقام الله.
 وليس شيء أثقل على النفس من مخالفة هواها، وليس جهاد أعظم من جهاد النفس ،
لكنَّ  الثمن هو الجنة
( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى }

 ولنتذكر إذا جاءت الطامة الكبرى
ولنتذكر  يوم ترجف الراجفة  تتبعها الرادفة، القلوب فيه واجفة.
{أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ }

أهوال، ستكون

وسيعود شريط أعمالنا أمامنا وسنتذكّر كُلّماسعينا.

{ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى } 

كانت دنيا و كُنّا نُعدها طويلة لكن حقيقتها { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا }


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

☀الفرق بين أنبئهم ونبئهم فى القرآن☀

☀الفرق بين أنبئهم ونبئهم فى القرآن☀ —————————————- ••النبأ.. هو الخبر. ••الانباء ..  الإبلاغ..  وهو الإعلام بالأمر فقط.. ويكون لمرة وا...